أرحب بكل من يطَّلع على مدونتي واتمنى ان يكون كل ما فيها مفيداً ونافعاً , وليعلم الكل انني بشر قد أخطأ فأحتاج إلى من يصوبني في أخطائي , فالإنسان بمن معه لا بما معه , فلا تحرموني تعليقاتكم وردودكم وتعقيباتكم وتعديلاتكم .... والشكر لكم

الجمعة، 20 مايو 2022

بين العاطفة والعقيدة

 لم يكن ابو طالب (عم النبي صلى الله عليه وسلم) رجلاً ذا مالٍ كثير ولكنه كان سيداً مطاعاً ومسموع الكلمة بين قومه، وكان لنبينا صلى الله عليه وسلم بمثابة الأب لابنه بكل ماتحمله هذه العبارة من معاني، فلم يتخل عنه ساعة، بل كان سنده في دعوته للإسلام بالرغم من أنه لم يُسلم هو مجاملةً لقومه مع قناعاته بدين ابن أخيه، كان حقاً الظهر القوي والسند الداعم والدرع الحامي لنبينا صلى الله عليه وسلم من قبل دعوة الإسلام وبعدها، بل مدحه ومدح دينه فكان حقاً نعم الأب لابن أخيه.

تخيلوا معي هذه المشاعر كلها وتعالوا ندخل على أبي طالب لنراه وهو في آخر لحظات حياته وقد دخل له رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يرى عمه الذي بمثابة ابيه وهو يفارق الحياة ليقول له : ( ياعم قل لا اله الا الله كلمة أحاج لك بها عند الله) وكان بجواره أصحابه الذين لم يرغبوا بدين الإسلام ورسول الله يأمل منه أن يقولها وهو يعيد العبارة له لعله يقولها فينطق قبل أن تشهق أنفاسه بأنه على نفس دينه ولن يتحول للإسلام ويلفظ أنفاسه الأخيرة ويرحل عن هذه الدنيا.

لك ان تتخيل اي مشاعر عاشها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذا الموقف... والحزن بوفاته والهم برحيله بدون أن يعلن إسلامه ليعلن انه سيستغفر لعمه علَّ الله أن يغفر له فاتاه الأمر من الله بنهيه عن ذلك لا بل ويعلم أيضا ان عمه من أهل النار وأن شفاعته له فقط خففت عليه من عذاب النار.

هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا عمه ابو طالب درعه وحصنه من كفار قريش أيام دعوته وعمه الذي رباه وحافظ عليه ومع ذلك لم يضمن له الجنة ولم يجامل في أحكام الله برغم عواطفه الجياشة لعمه الغالي على قلبه لكن هذا هو دين الله الذي لا يمكن أن يكون أحداً فوقه. 

إنه درس لنا كي لا نوزّع ألقاب الشهادة بالجنة في عباراتنا دون أن نراجع فيها ديننا وعقيدتنا ونجامل عليها واللبيب بالإشارة يفهم. 

ليست هناك تعليقات: